محمد ابراهيم بوخروبة والمعروف بإسم هواري بومدين هو زعيم عربي ورئيس الجزائر (23 اغسطس 1932 إلى 27 ديسمبر 1978). كان رئيساً للجزائر من 19 يونيو 1965 إلى 27 ديسمبر 1978. من أبرز رجالات السياسة بالجزائر في النصف الثاني من القرن العشرين، أصبح أحد رموز حركة عدم الانحياز ولعب دورا هاما على الساحة الإفريقية والعربية وكان أول رئيس من العالم الثالث تحدث في الامم المتحدة عن نظام دولي جديد. التسمية والمولد والنشأة ابن فلاح بسيط من عائلة كبيرة العدد ومتواضعة ماديا ولد في مدينة قالمة الواقعة في الشرق الجزائري سنة 1932 وبالضبط في 23 أب –أوت في دوّار بني عدي مقابل جبل هوارة على بعد بضعة كيلوميترات غرب مدينة قالمة، وسجّل في سجلات الميلاد ببلدية عين أحساينية (كلوزال سابقا). دخل الكتّاب ( المدرسة القرآنية) في القرية التي ولد فيها وكان عمره أنذاك 4 سنوات، وعندما بلغ سن السادسة دخل مدرسة ألمابير سنة 1938 في مدينة قالمة (وتحمل المدرسة اليوم اسم مدرسة محمد عبده)، يدرس في المدرسة الفرنسية وفي نفس الوقت يلازم الكتّاب. ختم القرآن الكريم وأصبح يدرّس أبناء قريته القرأن الكريم واللغة العربية. توجه إلى المدرسة الكتانية في مدينة قسنطينةحيث درس على يد الشيخ الطيب ابن لحنش. رحلته إلى الأزهر تعلم في مدارسها ثمّ التحق بمدارس قسنطينة معقل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بومدين. رفض هواري بومدين خدمة العلم الفرنسي (كانت السلطات الفرنسية تعتبر الجزائريين فرنسيين ولذلك كانت تفرض عليهم الإلتحاق بالثكنات الفرنسية لدى بلوغهم السن الثامنة عشر) وفرّ إلى تونس سنة 1949 والتحق في تلك الحقبة بجامع الزيتونة الذي كان يقصده العديد من الطلبة الجزائريين، ومن تونس انتقل إلى القاهرة سنة 1950 حيث التحق ب جامع الأزهر الشريف حيث درس هناك وتفوق في دراسته. اندلاع الثورة الجزائرية مع اندلاع الثورة الجزائرية في 01 تشرين الثاني –نوفمبر 1954 انضم إلى جيش التحرير الوطني في المنطقة الغربية وتطورت حياته العسكرية كالتالي: 1956 : أشرف على تدريب وتشكيل خلايا عسكرية، وقد تلقى في مصر التدريب حيت اختير هو وعددا من رفاقه لمهمة حمل الاسلحة. 1957 : أصبح منذ هذه السنة مشهورا بإسمه العسكري "هواري بومدين" تاركا اسمه الأصلي بوخروبة محمد إبراهيم كما تولى مسؤولية الولاية الخامسة. 1958 : أصبح قائد الأركان الغربية. 1960 : أشرف على تنظيم جبهة التحرير الوطني عسكريا ليصبح قائد الأركان. 1962 : وزيرا للدفاع في حكومة الاستقلال. 1963 : نائب رئيس المجلس الثوري. وكان مسؤولا عسكريّا هذا الرصيد العلمي الذي كان له جعله يحتل موقعا متقدما في جيش التحرير الوطني وتدرجّ في رتب الجيش إلى أن أصبح قائدا للمنطقة الغرب الجزائري، وتولى قيادة وهران من سنة 1957 وإلى سنة 1960 ثمّ تولى رئاسة الأركان من 1960 والى تاريخ الإستقلال في 05 تموز –يوليو 1962، وعيّن بعد الإستقلال وزيرا للدفاع ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء سنة 1963 دون أن يتخلى عن منصبه كوزير للدفاع. وفي 19 حزيران –جوان 1965 قام هواري بومدين بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس أحمد بن بلة. حكمه تولى محمد بوخروبة المكنى بالهواري بومدين الحكم في الجزائر بعد انقاب عسكري من 19 جوان(الشهر السادس) 1965 إلى غاية ديسمبر 1978. فتميزت فترة حكمه بالإزدهار في جميع المجالات خاصة منه الزراعي كما قام بتأميم المحروقات الجزائرية (البترول). وأقام أيضا قواعد صناعية كبرى مازالت تعمل إلى حد الساعة. وكان في أول الأمر رئيسا لمجلس التصحيح الثوري تم انتخابه رئيسا للجمهورية الجزائرية عام 1975. سياسته الداخلية بعد أن تمكن هواري بومدين من ترتيب البيت الداخلي، شرع في تقوية الدولة على المستوى الداخلي وكانت أمامه ثلاث تحديات وهي الزراعة والصناعة والثقافة، فعلى مستوى الزراعة قام بومدين بتوزيع آلاف الهكتارات على الفلاحين الذين كان قد وفر لهم المساكن من خلال مشروع ألف قرية سكنية للفلاحين وأجهز على معظم البيوت القصديرية والأكواخ التي كان يقطنها الفلاحون، وأمدّ الفلاحين بكل الوسائل والإمكانات التي كانوا يحتاجون اليها. الثورة الزراعية وقد ازدهر القطاع الزراعي في عهد هواري بومدين واسترجعت حيويتها التي كانت عليها أيام الاستعمار الفرنسي عندما كانت الجزائر المحتلة تصدّر ثمانين بالمائة من الحبوب إلى كل أوروبا. وكانت ثورة بومدين الزراعية خاضعة لإستراتيجية دقيقة بدأت بالحفاظ على الأراضي الزراعية المتوفرة وذلك بوقف التصحر وإقامة حواجز كثيفة من الأشجار الخضراء السد الأخضر بين المناطق الصحراوية والمناطق الصالحة للزراعة وقد أوكلت هذه المهمة إلى الشباب الجزائريين الذين كانوا يقومون بخدمة الوطنية. الثورة الصناعية وعلى صعيد الصناعات الثقيلة قام هواري بومدين بإنشاء مئات المصانع الثقيلة والتي كان خبراء من دول المحور الاشتراكي والرأسمالي يساهمون في بنائها، ومن القطاعات التي حظيت باهتمامه قطاع الطاقة، ومعروف أن فرنسا كانت تحتكر إنتاج النفط الجزائري وتسويقه إلى أن قام هواري بومدين بتأميمه الأمر الذي انتهى بتوتير العلاقات الفرنسية –الجزائرية، وقد أدى تأميم المحروقات إلى توفير سيولة نادرة للجزائر ساهمت في دعم بقية القطاعات الصناعية والزراعية. وفي سنة 1972 كان هواري بومدين يقول أن الجزائر ستخرج بشكل كامل من دائرة التخلف وستصبح يابان العالم العربي. الإصلاح السياسي وبالتوازي مع سياسة التنمية قام هواري بومدين بوضع ركائز الدولة الجزائرية وذلك من خلال وضع دستور وميثاق للدولة وساهمت القواعد الجماهيرية في إثراء الدستور والميثاق رغم ما يمكن أن يقال عنهما إلا أنهما ساهما في ترتيب البيت لجزائري ووضع ركائز لقيام الدولة الجزائرية الحديثة. السياسة الخارجية إجمالا كانت علاقة الجزائر بكل الدول وخصوصا دول المحور الاشتراكي حسنة للغاية عدا العلاقة بفرنسا وكون تأميم البترول يعد من جهة مثالا لباقي الدول المنتجة يتحدى به العالم الرأسمالي جعل من الجزائر ركن للصمود والمواجهة من الدول الصغيرة كما كانت الثورة الجزائرية درسا للشعوب المستضعفة ومن جهة أخرى وخاصة بعد مؤتمر الأفروأسيوي في يوم 3 أيلول – سبتمبر 1973 يستقبل في الجزائر العالم الثالث كزعيم وقائد واثق من نفسه و بمطالبته بنظام دولي جديد أصبح يشكل تهديدا واضحا للدول المتقدمة. بومدين والصحراء الغربية حضر هواري بومدين عام 1970 إلى جانب الرئيس الموريتاني المختار ولد داده وملك المغرب الحسن الثاني مؤتمر نواذيبو بموريتانيا حيث بارك بومدين تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا، وقد وضعت معالم ذلك التقسيم خلال هذا اللقاء. ومع منتصف السبعينيات تحول الموقف الجزائري من مبارك لتقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا إلى مساند لجبهة البوليساريو لانتزاع استقلال الإقليم. هدد بومدين الرئيس الموريتاني ولد داده في لقائه معه بمدينة بشار الجزائرية في بداية السبعينات وطلب منه الإبتعاد عن الصحراء، كما قام بطرد جميع رعايا المغرب من الجزائر ليضغط على الحسن الثاني ويثنيه عن التورط في الصحراء. سخر بومدين الدبلوماسية الجزائرية لدعم موقف بلاده من قضية النزاع الصحراوي، ونتج عن ذلك أن اعترفت 70 دولة بالجمهورية العربية الصحراوية التي أعلنتها جبهة البوليساريو في تندوف الواقعة جنوب الجزائر، كما أرغم ذلك المغرب على الإنسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية. مقطع من خطاب هواري بومدين بمناسبة تنصيب الأخ محمد يحياوي عضو مجلس الثورة كمسؤول تنفيذي مكلف بجهاز الحزب آنذاك في" قضية الصحراء الغربية ". أيها الأخوة : لقد حضرنا كل المؤتمرات التي عقدت في المغرب ومورريتانيا . وكنا متفقين جميعا على تطبيق مبدأ تقرير المصير ، لكن فوجئت في هذه المدة الأخيرة ، بأن الكل أصبح يتكلم باسمي ، فممثل ملك المغرب نفسه يدعي في كل مناسبة ، أنني أعطيته العهود ، والحقيقة أنني لا أتاجر بالقضايا العادلة المبنية على مبادئ مقدسة ، لأنني مناضل أعمل وأتحرك كمناضل وليس كسياسي متعفن ، ولو كنا من هذه الفصيلة ما دخلنا حربا في سنة 1983 حيث طلب ملك المغرب من القيادة الجزائرية ، أن تمنح له قاعدة في تيندوف لمهاجمة موريطانية ، مقابل اعترافه بحدود بلدنا ، وقلت في ذلك الوقت ، بصفتي مسؤول الجيش ، أبدا لن أسمح بأن ترتكب هاته الخيانة باسم الثورة الجزائرية ، وقد سبق لي أن حذرت الرئيس المختار ولد دادة في بشار ، من أن سياسة العرش ترمى إلى ابتلاع المنطقة كلها ، ومثلما رفضنا بالأمس أن تكون تيندوف قاعدة تضرب منها موريطانيا المستقلة ، وشعبها ، فنحن اليوم نفتح ذراعينا لنحمي نساء شعب الصحراء وأطفاله ، وشيوخه ، وعجزته ، ونغيث أولئك الذين يذبحون ،ويقتلون وتسفك دماؤهم ، وهذا باسم الدين ، وباسم الوطن ، وان شعبا كاملا قد فر من الصحراء هاربا من جخيم الموت ، والتشريد والتقتيل ، ومن القنبلة بقذائف النابالم التي سلمها الجيش الفرنس للجيش المغربي ، والتي استعملت في أم دريقة ضد النساء والأطفال والشيوخ ، وكل هذا وفرنسا تزعم اليوم بأنها محايدة . أيها الأخوة : لقد انتهجنا بالنسبة لقضية الصحراء خطأ واضحا ، سبق أن أكدته مرارا ، وقلت بأنه اذا كان كل من المغرب وموريطانيا يطالبان بالصحراء الغربية ، فإن الجزائر ليست لها أية مطالب ترابية ، ولا مطامع لها ، كما يزعم البعض في الفوسفاط ، أو ممر عبر الصحراء ، ولا تستهدف - كما يدعون - تصدير حديد غاز الجبيلات عن طريق الصحراء . وكل ذلك أمر بعيد عن الواقع ، وعار من الصحة ، أننا ضد سياسة القوة ، لقد ادعى ملك المغرب بأن الصحراء ملكه ، وطلب منا أن نقف بجانبه ضد المختار ولد دادة ، وكان ذلك في تلمسان ، ورفضت ذلك . ومن جهة أخرى ، كان ولد دادة يطالب بالصحراء ، وقد نسى كلاهما في غمرة أحلام التوسع ، الحقيقة الجوهرية ، وهي وجود الشعب الصحراوي ،و رد فعله . اننا لا نعادي المغرب ولا موريطانيا ، لكننا ساعدنا ، وسنساعد الشعب الصحراوي الذي رفض أن يذبح ، ويجب أن تدركوا بأن آلافا منه مهددة بالذبح ، والذي رفع السلاح ليدافع عن وجوده ، وكيانه وبلاده . ونحن لانخفي مساعدتنا للشعب الصحراوي ، وقد عترفنا بحكومته المؤقتة ، لأنه شعب يضحي كل يوم من أجل اثبات وجوده ، سلاحه الإيمان والإرادة ، والاستعداد للتضحية ، وللتاريخ أن يحكم لنا أو علينا . وفاته أصيب هواري بومدين صاحب شعار "بناء دولة لاتزول بزوال الرجال" بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه، وفي بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الإدعّاء وذهب طبيب سويدي إلى القول أن هواري بومدين أصيب بمرض "والدن ستروم" وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء إلى الجزائر خصيصا لمعالجة بومدين، وتأكدّ أنّ بومدين ليس مصابا بهذا الداء وقد مات هواري بومدين في صباح الأربعاء 27 كانون الأول – ديسمبر – 1978 على الساعة الثالثة وثلاثون دقيقة فجرا. وبموت هواري بومدين كانت الجزائر تتهيأ لدخول مرحلة جديدة تختلف جملة وتفصيلا عن الحقبة البومدينية.